اردن النشاما
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الشباب والبنات ( فرسان التغيير)
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصص ملحقة بــ " رحلة زاعم"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فارس الا
زائر
Anonymous



قصص ملحقة بــ " رحلة زاعم" Empty
مُساهمةموضوع: قصص ملحقة بــ " رحلة زاعم"   قصص ملحقة بــ " رحلة زاعم" I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 03, 2007 4:34 am

قصة الرجل الذي صار لونه أحمر‏
-1-‏
حين عاد الشيخ فتحي الراضي إلى بيته ، كانت الشمس قد بدأت ترسل أشعتها الأولى لتغير المدينة التي تجللها عباءة سوداء منذ يومين تقريباً .‏
فبعد ظهر الثلاثاء الماضي هبت عاصفة قوية لم يرَ أحدٌ مثلها ولم يسمع أحدٌ عن مثلها . وغابت الشمس مباشرة واختفت خلف جبل كبير صخوره بازلتية .‏
وبما أن الجميع مستغرقون في النوم . فلم يستطع أحد سوى الشيخ فتحي ، أن يلاحظ بأن هذه الأشعة القرمزية التي تبثها الشمس ليست هي الأشعة نفسها التي اعتاد الناس رؤيتها في كل مكان .‏
دخل غرفة المؤونة وأخرج كتاب الظواهر المدهشة الذي كان قد استعاره من الأستاذ عبد الله مدرس الفيزياء في الثانوية وجلس قرب شجرة الزيزفون العتيقة التي زرعها جده الحاج فياض الراضي يوم ولادته ، وهو يرى في هذه الشجرة أختاً له . لأنها ولدت في اليوم نفسه الذي ولد فيه .‏
كان عليه قبل أن يبدأ القراءة أن يوقظ الناس الذين لن يعرفوا بأن الشمس عادت إليه بعد يومين من الغياب، لأنهم ينامون في غرفهم يملأ قلوبهم الرعب من قيام الساعة ، لكنه فضّل ألا يثير فزعهم حين يشاهدون ما يحدث .‏
كان يقلّب صفحات الكتاب بهدوء ، واضعاً السواك بين شفتيه ، حين رفع عينيه إلى الجدار المقابل له . كان لون الجدار أحمر مثل لون الدم ، جال ببصره على كل الأشياء . فشعر بالخوف . للمرة الأولى في حياته .‏
كان اللون الأحمر يغطي كل شيء ، وكانت شجرة الزيزفون - أخته ، تقطر أوراقها دماً .‏
نهض من مكانه فزعاً . وفتح الباب وخرج من البيت . كانت الطرقات تمتدّ أمامه حمراء اللون . وقد رأى لها أذرعاً تعانق قرص الشمس الأحمر الملتهب .‏
كانت حركته صعبة بسبب الدماء التي ملأت الشوارع وتجلطت بسرعة . دخل المسجد ، واندفع إلى المئذنة . لكنه ارتطم بأحد الأعمدة الأسطوانية المزخرفة بخطوط حمراء . شعر بالغثيان وودّ لو أنه يتقيأ لكنه لم يفعل حفاظاً على طهارة المكان .‏
كان اللون الأحمر في كل مكان على السجاد الصيني الفاخر الذي تبرع به أبو محمود الخليل تاجر الأقمشة . وعلى مكبرات الصوت الحديثة ماركة ( فيليبس ) التي أحضروها من الشام ، وبين الكتب الكثيرة الموجودة على الرفوف مرتبة ترتيباً عشوائياً .‏
وهناك قرب الباب ، في الخزانة المخصصة لوضع أحذية المصلين . بذل جهداً كبيراً حتى استطاع الخروج من المسجد ، تلمس طريقه واتجه إلى منزل الأستاذ عبد الله الذي يقرأ كثيراً . والذي ربمّا يجد عنده تفسيراً لما يحدث .‏
دفع الباب الخشبي القديم ، ودخل ، فرأى الأستاذ نائماً في زاويته المعتادة ، وقد تحول إلى قطعة دمٍ كبيرة متجلطة .‏
هزّه هزّة قوية فلم يتحرك . وإنما اندفعت رائحة الدم نفاذة فلم يستطع ، بعدها ، مشاهدة شيء سوى ذلك اللون الأحمر .... غادر منزل الأستاذ وسار ببطء حتى وصل إلى بيته، فتح الباب واتجه مباشرة إلى غرفته التي ينام فيها . كانت الغرفة الهادئة المطلية بالكلس الأبيض قد تحول لونها هي أيضاً إلى اللون الأحمر ، فلم يستغرب الشيخ فتحي الأمر واعتبره عادياً. فخلع جبته وعمامته . وارتدى كلابية النوم ( الحمراء ) واستلقى على فراشه ذي اللون الدموي الأحمر .‏
لقد كان متعباً ، وعليه أن ينام قليلاً ليرتاح . وحين يستيقظ لابدّ أن حلّ هذه الأمور كلها سيكون في رأسه .‏
-2-‏
تأخر الشيخ فتحي الراضي عن موعد صلاة الظهر . وقد استغرب جميع الناس هذا . فالرجل الذي كان إمامهم مدة تزيد على عشرين سنة . والذي لم يتخلف عن الصلاة أبداً منذ أن كان طفلاً . يغيب اليوم عن الصلاة . أجمع المتواجدون على رأي واحد ، وهو أن يذهبوا لزيارته والإطمئنان عليه بعد انتهاء الصلاة .‏
بعد أن صافحوا بعضهم البعض بعد الصلاة . ووضع كل واحد حذاءه في قدميه خرج الجميع من المسجد وتوجهوا إلى بيت الشيخ فتحي.‏
كان صوت طرقهم على باب البيت يترافق مع هبوب ريح قوية جداً ومع تلون السماء باللون الأحمر القانئ الذي يشبه لون الدم تماماً .‏
حين لم يُفتح البابُ . دفعه مروان الصالح ذو الكتفين العريضتين فانفتح ، ودخل الجميع . كان الخوف من أن مكروها قد حلّ بالشيخ مسيطراً عليهم . فلم يعرفوا ماذا يفعلون .‏
دخلوا غرفته فوجدوه مستلقياً على فراشه نائماً ، كان وجهه أحمر مثل قطعة من الدم المتجلطة . هزوه وحاولوا إيقاظه ، لكنه كان قد فارق الحياة .‏
وبعد أن غسلوا جسده الأحمر بالماء الساخن والصابون ، كفنوه ثلاث مرات ، وكان الكفن الأبيض الذي يضعونه عليه لا يلبث أن يتحول إلى اللون الأحمر . وقد نصحهم الحاج مهدي بأن يتركوا الكفن على حاله فقد تكون هذه رغبة المرحوم . ساروا به إلى المسجد وصلوا عليه ، ثم حملوه على أكتافهم إلى المقبرة ، حيث كانت حفرته بانتظاره ، فوضعوه فيها وطمروه بتراب لونه أحمر .‏
-3-‏
بعد مرور عشر سنوات على وفاة الشيخ فتحي الراضي إمام مسجد الصحابي الجليل ، أنس بن مالك / صار لون البيت الذي كان يسكنه أحمر تماماً وتحول الشارع الذي يقع فيه البيت إلى منطقة مهجورة لايدخلها أحدٌ، وقد نشط رؤوساء البلدية المختلفون الذين جاؤوا إلى المدينة في تحسين أحوالها وكان كل واحد منهم يصرف نصف الميزانية في استيراد أفضل أنواع الطلاء من مختلف دول العالم لطلاء بيت المرحوم الشيخ فتحي الراضي ذي اللون الأحمر ولكنّ أيّاً منهم لم يستطع إخفاء ذلك اللون الواضح وضوح الشمس . وعند هبوب ريح العجاج القادمة ، صيفاً ، من الغرب محملة بالأتربة . كان لون المدينة كلها يتحول إلى اللون الأحمر ، ويقال بأن بعض سكانها قد هجروها لهذا السبب .‏
الفائز الأعظم‏
كان يريد القيام بعمل ما ، قبل دخوله المشفى للعلاج من آثار الحروق التي أصابته حين انفجرت عليه تلك الآلة اللعينة التي كان يصلحها في مصفاة النفط .‏
الأطباء فقدوا الأمل ، حتى من نقله إلى المشفى ، كان يستمع إليهم ويضحك . لا يعلمون بأنه يستطيع الآن القفز مثل الأرنب .‏
وحتى أنه يستطيع إصلاح تلك الآلة اللعينة . بكل سهولة . زوجته كانت تلطم وجهها وتصيح ، وأمّه كذلك ، أما أبوه فقد ظل صامتاً متشنجاً، إنه يراقب ولا يعلّق على شيء .‏
" هؤلاء الأغبياء ، سأجعلهم يذهلون حين أقفز أمامهم ، وأصعد السلم ، وأقف لأخطب فيهم ، ربّما سأقول كلمتين فقط ، أوثلاث كلمات ، وربما سأجعلها خطبة عصماء لم يسمع أحدٌ مثلها ".‏
كبير الأطباء تحدّث مع مدير المصفاة ومع كبير ضباط الشرطة الذين كانوا يملؤون المكان ، وكان هو مازال يفكر بمعجزته التي ستجعلهم مثل "المساطيل".‏
وبعد قليل وصلت سيارة المشفى، وضعوه على نقاله وساروا . وكانت زوجته تصرخ وتبكي وتنتف شعرها .‏
فتح أحد الممرضين باب السيارة الخلفي ، وأدخلوه ، كانت غرفة السيارة باردة جداً. وكان هو أيضاً يشعر بان جسده باردٌ ومتجمدٌ أيضاً . لم يشعر بهذه البرودة من قبل ، حتى حين كان يدخل عنابر أنابيب الغاز المبّردة . بعد مسير طويل توقفت السيارة ، أنزلوه وكان كل شيء مظلماً ، أدخلوه بيته" لماذا لم يأخذوني إلى المشفى ؟" وصل أقاربه جميعاً . وكان الحزن بادياً عليهم ، جسده بأكمله مشوّهٌ وبارد .‏
ألبسوه ثوباً لونه أبيض ، وأخذوه مرة أخرى . وصلوا إلى مكان تجمع فيه الكثيرون كانوا يقفون بخشوع في حضرته . ويرددون عبارات لم يفهمها ، أخرجوه من ذلك المكان الذي لم يدخله قبلاً . وساروا خلفه ، كان في المقدمة موضوعاً على الأكتاف " يبدو أنهم اعتبروني بطلاً . لا أعرف كم من الوقت مضى وأنا على هذه الحالة البطولية ؟" أنزلوه أخيراً إلى مكان عميق ، وبدأوا يهيلون عليه التراب .‏
حُلُمْ‏
جميع خلاياه كانت مركزة على الشجرة . دوران جسده توقّف وجهه شحب حتى صار لونه مثل لون الليمونه ، نبض قلبه ارتبك كان جسده يرتجف بشكل ملحوظ‏
أحسّ للحظة بأن العالم قد تغير ، وأن هذه المسافة التي تفصله عن الشجرة هي المسافة نفسها التي تبعده عن وعيه للأشياء .‏
حرّك قدميه بصعوبة وحاول أن يخطو ، لكنه كان ثابتاً في موضعه. كان الطين يمزج خلايا جسده بالأرض ، صار قطعة واحدة مع طين الأرض ، وأحس بأن قدميه تتحولان بشكل سريع إلى طين لزجٍ لا يلبث حتى يتجمّد ، لوّح بيديه وصرخ بشدة . لكن صوته لم يخرج من جوفه . جال ببصره على الأشياء المحيطة به . كأنه يريد أن يوّدعها .‏
شيئاً . فشيئاً ، كان يتحوّل إلى كتلةٍ من الطين منتصبةٍ لم يبق منه سوى رأسه . كان يقاوم هذا ( التطين ) المفزع من خلال تنفسه .‏
تنفّس . تنفسّ بعمق ، وكان يضغط رئتيه بشدة محاولاً التهام الهواء فجأة . سمع صوت انفجار شديداً ، فتح عينيه بسرعة ، فرأى وجه زوجته باسماً أمامه . حاول أن ينهض من سريره لكنه لم يستطع . كان جسده متصلباً وقدماه لا ينبض فيهما الدم . صرخ مخاطباً زوجته :‏
- قدماي متخشبتان . لا أستطيع أن أتحرك .‏
قبلت زوجته جبينه ، ثم قالت وهي تفتح نافذة الغرفة المطلة على الشارع:‏
- وما الجديد في الأمر ، ؟ منذ عشر سنوات وأنت مشلول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصص ملحقة بــ " رحلة زاعم"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اردن النشاما :: ₪ القصص والروايات ₪-
انتقل الى: